بيروت، 19 تموز/يوليه 2013 (مركز الأمم المتحدة للإعلام) – اختتمت الممثلة الخاصة لأمين عام الأمم المتحدة لشؤون الأطفال والنزاع المسلح السيدة ليلي زروقي زيارة لسورية والأردن والعراق وتركيا ولبنان أتاحت لها فرصة لأن ترى مباشرة تأثير الصراع السوري على الأطفال الذين يعيشون في سورية وفي المنطقة.

وقالت زروقي في ختام الزيارة إن ” كل واحد تحدثت إليه، سواء داخل سورية أو خارجها، أطلعوني على قصص شخصية لهم حول تأثير الصراع على الأطفال وأسرهم. وقابلت آباءً وأمهات فقدوا أطفالهم في التفجيرات، وأطفالا شاهدوا أخوانهم وأخواتهم يقتلون أمام أعينهم، وأطفالا يتماثلون للشفاء من جروح شديدة لدرجة انني تساءلت كيف تمكنوا من النجاة”.

وقابلت الممثلة الخاصة مسؤولين في الحكومة السورية وأجرت اتصالات مع أعضاء من جماعات معارضة. وقد حثت جميع الأطراف على اتخاذ تدابير عاجلة لحماية الأطفال والمدنيين. وقالت إن “على جميع الأطراف التوقف عن القصف واستخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة بالسكان، وكذلك عن الهجمات الإرهابية”.

 

تزايد الأزمة الإنسانية

هناك داخل سورية 6.8 مليون نسمة بحاجة إلى مساعدات إنسانية عاجلة، نصفهم من الأطفال. ولا يزال الوصول إلى السكان المتضررين صعبا أو مستحيلا.

والتقت الممثلة الخاصة في ريف دمشق الأطفال والنساء الذين شردوا عدة مرات وعلى مدى عدة أشهر والذين يعتمد بقاؤهم أحياءً على المساعدات الإنسانية التي يتلقونها. وقالت زروقي: “يجب أن تضمن جميع الأطراف التسليم الآمن والنزيه للمساعدات الإنسانية – التي توجد حاجة ماسة جدا إليها. ويجب عدم أخذ المدنيين رهائن من قبل الأطراف المتحاربة”.

إن الأطفال وأسرهم يواصلون الفرار من سورية يوميا. وفي كثير من الحالات، ما فتئوا يفرون داخل بلدهم لأشهر وأحيانا لسنوات قبل أن يقرروا اللجوء إلى العراق والأردن ولبنان وتركيا وأماكن أخرى. لقد غادروا بلدانهم بسبب العنف، ولكن أيضا لأن الحصول على الغذاء والمياه النظيفة وغيرها من الضروريات الأساسية قد أصبح صراعا يوميا. وهم يعيشون – أحيانا في ظروف قاسية – داخل مخيمات اللاجئين أو ضمن المجتمعات المضيفة. وقرابة نصف الـ 1.7 مليون لاجئ سوري هم من الأطفال.

والتقت الممثلة الخاصة أيضا مسؤولين حكوميين وعمال إغاثة وضحايا في الأردن والعراق وتركيا ولبنان. وقد أثنت على الجهود الهائلة التي تبذلها البلدان المضيفة لمساعدة اللاجئين في أراضيها. وتدفق اللاجئين يشكل ضغوطا اجتماعية واقتصادية وسياسية حادة تضع استقرار المنطقة في خطر.

ولقد حشدت الأمم المتحدة دعما كبيرا من قبل المانحين ولكن الاحتياجات لا تزال تتجاوز الموارد المتوفرة. وتدعو الممثلة الخاصة المجتمع الدولي إلى الاستمرار في مساعدة أطفال سورية وأسرهم.

 

يجب حماية الأطفال من التجنيد

اعتمدت الحكومة السورية مؤخرا قانونا يحظر تجنيد واستخدام الأطفال دون سن 18. وشجعت زروقي السلطات على فرض القانون بطريقة عادلة ومنصفة لحماية الأطفال.

ولاتزال الممثلة الخاصة تتلقى معلومات تفيد بأن بعض جماعات المعارضة تستخدم الأطفال كمقاتلين وللقيام بأدوار مساعدة رغم تأكيدات بعض القادة المحليين بأنهم لن يقبلوا مقاتلين دون السن المسموح.

وقالت الممثلة الخاصة: “لقد قابلت بعض المراهقين الذين انضموا إلى مجموعات المعارضة وآخرين يريدون العودة إلى أرض المعركة. يجب القيام بكل شئ ممكن لمنعهم من المخاطرة بمستقبلهم وحمل السلاح. وسيتعرض للمساءلة من هم في القيادة ويجندون ويستخدمون الأطفال في أرض المعركة”.

 

الاعتقال التعسفي والاحتجاز وسوء معاملة الأطفال

يتواصل حجز الأطفال من قبل السلطات السورية بتهم أمنية، أو للاشتباه في أنهم أو أسرهم متعاطفون مع  جماعات المعارضة. وبالمثل، تحتجز أيضا جماعات المعارضة أطفالاً.

وقالت زروقي: “تلقيت تقارير تفيد بأن الأطفال المحتجزين يتعرضون لسوء المعاملة والتعذيب، أو أنهم يحتجزون في ظروف مهينة. العائلات لا يعلمون شيئا عن أقربائهم. ولقد ذكرت السلطات بوجوب تقديم جميع الأطفال المحتجزين فورا إلى القضاء من أجل تقييم قانونية احتجازهم أو إطلاق سراحهم وفصلهم عن البالغين ومعاملتهم بكرامة في جميع الظروف”.

جيل من السوريين يحرم من التعليم

تتعرض المدارس السورية للاعتداء. لفقد تم قصفها واستخدمت ثكنات عسكرية أو سجونا أو تم ببساطة إغلاقها بسبب انعدام الأمن. هناك آلاف الأطفال داخل سورية والبلدان المجاورة خارج المدرسة منذ شهور أو حتى سنوات. وقد بذلت حكومات والأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية جهودا كبيرة لمساعدة الأطفال على العودة إلى المدرسة، ولكن هناك المزيد مما يتعين القيام به.

وكررت زروقي أمام الحكومات والشركاء خلال مهمتها أن “التعليم هو واحدة من أكثر الوسائل فعالية لبناء مجتمع شامل للجميع ومفتوح”. وقالت: “لا يمكن أن نسمح للجيل القادم من السوريين أن يكون أميا”.

 

مساءلة المتحاربين 

تضمنت تقارير الممثلة الخاصة إلى مجلس الأمن ستة انتهاكات جسيمة مرتكبة ضد الأطفال في حالات الصراع المسلح: القتل أو التشويه، التجنيد والاستخدام، الاختطاف، العنف الجنسي، الاعتداء على المدارس والمستشفيات، ومنع وصول المساعدات الإنسانية.

ويتم يوميا ارتكاب انتهاكات جسيمة في حق الأطفال في سورية. لذلك تم وضع القوات الحكومية والميليشات التابعة لها وكذلك جماعات المعارضة على قائمة العار التابعة للأمين العام.

وقالت زروقي إن “معرفة ما يحدث بالفعل وإطلاع العالم على الكيفية التي يتأثر بها الأطفال من الصراع الدائر في سورية هما الخطوة الأولي نحو المساءلة وإنهاء الافلات من العقاب”. وأضافت تقول إنه بدون حل سياسي، سوف يستمر الأطفال في المعاناة من عواقب وخيمة لهذا الصراع.